تعد المنطقة العربية من أكبر المناطق الاستراتيجية في العالم حيث تحتوي على ثروات طاقوية هائلة واحتياطي ضخم للبترول والغاز الطبيعي و بالإضافة إلى موقعها الوسطي المتميز وقربها من الأسواق العالمية – آسيا وأوروبا- فهي تطل على قنوات عديدة لنقل البترول إلى كافة أنحاء العالم، هذا الأخير الذي يعتبر بدوره سلعة استراتيجية ومادة حيوية أساسية للصناعة وهامة للتجارة الدولية ويؤثر في جميع أوجه النشاط الاقتصادي فقد ارتبط التاريخ الاقتصادي الحديث بهذا الذهب السائل الذي كان له الأثر الأكبر في تشكيل معالم الخريطة الاقتصادية العالمية فليس من الصدفة أن تجد سلعة أساسية، نادرة ومحدودة جدا، تتح ّ كم في اقتصاديات كاملة و تعد الورقة الرابحة التي يستعملها أصحاب القرارات لبسط نفوذهم على شعوب لا زالت تحت رحمة "حرب الأسعار" وقد تكفي صدمة بترولية واحدة لتشل اقتصاديات قائمة وحركة فاعلة في الاقتصاد لتصل فيما بعد إلى إحداث شرخ في العلاقات الاقتصادية الدولية، بل تعدت أبعاد البترول إلى ميادين أخرى أكثر حساسية كالسياسة حيث أصبح يمثل سلاحا هجوميا و دفاعيا في الوقت ذاته وسببا كافيا ووجيها لإعلان الحروب فعند كثير من الخارجين عن القانون "نقطة بترول تساوي نقطة دم".
ولما كانت أسعار البترول وتجارته لها آثارا عالمية على كل من الدول التي تعرض البترول والدول التي تطلبه، كان الصراع متواصلا حول السيطرة على سوقه وقد كان النصيب الأكبر للشركات السبع العالمية أو "الأخوات السبع" التي احتكرت الصناعة البترولية بجميع مراحلها لمدة زمنية طويلة بما في ذلك سياسات التسعير حيث أن الدول المتقدمة ضمنت إمدادات البترول بأبخس الأسعار لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تمتلك وضعا خاصا إذ أن خمسة من الشركات الاحتكارية العملاقة هي أمريكية. أما بالنسبة للدول المنتجة والدول العربية فقد كان قطاع الطاقة لديها مستقلا عن بقية قطاعات الاقتصاد الوطني بصفته بقعة اقتصادية متقدمة في اقتصاد متخلف تعود السلطة الواسعة فيه للشركات العالمية.
هذا الوضع أثار حفيظة الدول المنتجة وحّتم ضرورة اتخاذ موقف موحد لذلك قامت ولأول مرة في تاريخ الصناعة البترولية مجموعة من الدول النامية بتحدي هذه الشركات العملاقة بالتكّتل في إطار التي شهد العالم ميلادها في بغداد سنة 1960 , وصلت OPEP ما يسمى منظمة الدول المصدرة للبترول درجات التنسيق والتشاور بينها إلى مرحلة متقدمة جدا ساعدتها في ذلك حركات التحرر ونمو الصناعات الوطنية بالإضافة إلى المحاولات الجادة للدول المنتجة بتأميم قطاع الطاقة لديها.تلك المستجدات موقعا صلبا إنعكس بدوره على وجود أرضية مناسبة لممارسة حقها في تقرير OPEP والمتغيرات أعطت مصيرها الاقتصادي والأخذ بزمام الأمور فيما يخص سياسات تسعير الخام والحيلولة دون أن تصل أسعاره إلى مستويات متدنية جدا تضر باقتصادياتها ، كان ذلك سنة 1973 التي اعتبرت فيما بعد نقطة تحول تاريخية في أسواق البترول، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين الحكومات وشركات البترول العالمية،
الإطار الدولي الأنسب للدفاع عن السعر الجازم OPEP بالمقابل وجدت معظم الدول العربية في منظمة بالنظر إلى وزنهم الثقيل فيها، خاصة إذا علمنا الدور الرئيسي الذي يلعبه البترول في تحديد مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد العربية سواءا البترولية أو غير البترولية ورغم الاعتراف بأن البترول ليس هو العامل الوحيد في التنمية العربية إلا أنه لا زال يشكل أهم القوى الاقتصادية التي تتح ّ كم فيها .
من هذا المنطلق فإن ما تعرضت له السوق البترولية العالمية من هزات متتالية منذ سنة 1973 حتى سنة 2003 نتيجة تأثرها سلبا أو إيجابا بعوامل متعددة انعكست في النهاية على أسعارالبترول هبوطا أو صعودا وأفضت إلى حالة عدم الاستقرار وترتب على ذلك كله نتائج تراكمية على الاقتصاد العربي وعلى التنمية بكل أبعادها وأصبحت الدول البترولية العربية تترقب يوميا أسواق الطاقة العالمية
فهي حساسة لكل تغيير يطرأ على الأسعار واقتصادها رهين لسلعة البترول كما أنه بواسطة عنصر السعر "البترولي" يقوم مؤطري السياسة الاقتصادية ببناء توجهاتهم وتوقعاتهم المستقبلية نظرا لما يمثله قطاع الطاقة في هيكل اقتصادها خاصة إذا علمنا أن الدول العربية ككل لا تستهلك أكثر من ربع إنتاجها من البترول الموجه معظمه للتصدير وتتربع السعودية لوحدها على ربع الاحتياطي العالمي يليها العراق كثاني أكبر احتياطي .
إن معرفة آثار البترول على الاقتصاد العربي تعتبر ضرورة ملحة لاستشراف آفاق المستقبل واحتمالاته خاصة في ظل الظروف الحالية التي تعيشها الأمة العربية من حصار وعدوان واحتلال العراق وتهدف هذه الدراسة إلى تحليل وتقييم دور البترول في المسار الاقتصادي للدول العربية من خلال إثارة الأزمات البترولية التي تعرض لها العالم منذ التصحيح السعري لسنة 1973 والى غاية سنة 2003 ومن خلال المناقشة نسلط الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه البترول OPEP على ضوء سياسة العربي في إطار النظام الاقتصادي الدولي الجديد وكذا الرهانات الحقيقية لمنظمة الدول المصدرة للبترول بعد العدوان الأمريكي على العراق.
خطة المذكرة:
المقدمةالفصل الأول: المتغيرات الاقتصادية الكبرى في السوق البترولية العالمية وانعكاساتها على الاقتصاد العربي خلال الفترة 1973-1982
تمهيدالمبحث الأول: المنطقة العربية والظاهرة البترولية
المطلب الأول: البترول في العالم
المطلب الثاني: أهمية البترول في المجتمع الصناعي الحديث
المطلب الثالث: ظاهرة البترول في الوطن العربي
المطلب الرابع: البعد الدولي والاستراتيجي للبترول العربي
المبحث الثاني: الأزمتين البتروليتين الأولى والثانية { 1973-1974}، {1980-1979}
المطلب الأول: نظام الشركات البترولية العالمية الكبرى
المطلب الثاني: تطور أسعار البترول حتى سنة 1973 واستراتيجية الأسعار في ضوء الأزمتين البتروليتين
المطلب الثالث: سياسة OPEP
المبحث الثالث: أثر الزيادات في أسعار البترول على الاقتصاد العربي{ 1973-1982}
المطلب الأول: العائدات البترولية العربية فوائضها وأشكال استثماراتها
المطلب الثاني: الفوائض المالية العربية بين نظام النقد الدولي ومخاطر الاستثمارالعربي في الخارج
المطلب الثالث: دورالبترول في التنمية والتكامل العربيين
المطلب الرابع: ظاهرة الريع والاقتصاد العربي
الخلاصة
الفصل الثاني: حرب الأسعار البترولية وأبعادها على الاقتصاد العربي خلال الفترة{ 1986-2003}
تمهيدالمبحث الأول: الأزمة البترولية 1986 وانعكاساتها على الاقتصاد العربي
المطلب الأول: استراتيجية الدول الصناعية بعد أزمة الطاقة 1973
المطلب الثاني: تحولات السوق البترولية العالمية
المطلب الثالث: حرب الأسعار ومسؤولية OPEP
المطلب الرابع: آثار انخفاض أسعار البترول على الاقتصاد العربي { 1983-1988}
المبحث الثاني: أثر الأزمات الاقتصادية العالمية على البترول والاقتصاد العربيين خلال الفترة{ 1990-2001}
وكلفتها على الاقتصاد العربي و العراقي.... 90 - المطلب الأول: حرب الخليج { 1990-1991}
المطلب الثاني: تدهور أسعار البترول سنة 1998 وأثرها على الاقتصاديات العربية
المطلب الثالث: الفوائض المالية العربية في ضوء أحداث 11 سبتمبر 2001
المبحث الثالث: العراق الجديد في الاستراتيجية الأمريكية نحو البترول العربي
المطلب الأول: حقائق واحتمالات السوق البترولية العالمية في ضوء العدوان
الأمريكي –بريطاني على العراق
المطلب الثاني: تداعيات السيطرة الأمريكية على البترول العراقي
المطلب الثالث: نقل البترول العراقي و الفكر الجيوستراتيجي
المطلب الثالث: اعمار العراق : تحديات وفرص
خلاصة
الفصل الثالث: البترول العربي في ظل معطيات الاقتصاد العالمي الحديث وتحديات المستقبل
تمهيدالمبحث الأول: البترول العربي في ظل النظام الاقتصادي الجديد
المطلب الأول: العولمة، الاندماجات والتكتلات الإقليمية
المطلب الثاني: البترول ومنظمة التجارة العالمية
المطلب الثالث: انعكاسات الأورو على تجارة البترول العربية
المبحث الثاني: المنطقة العربية والحوار منتجون- مستهلكون
المطلب الأول: سعر البترول والحوار منتجون- مستهلكون
المطلب الثاني: ضرائب الطاقة والكربون وإشكالية تغير مناخ الأرض
المطلب الثالث: أهمية الإنتاج البترولي خارج OPEP وضرورة تنسيق العرض البترولي العالمي
المطلب الرابع: تكنولوجيا تطوير بدائل البترول
المبحث الثالث: الاقتصاد العربي : تحديات وآفاق
المطلب الأول: مسيرة تجارب التكامل الاقتصادي العربي
المطلب الثاني: إمكانيات الاستثمار في المنطقة العربية
المطلب الثالث: التنويع الاقتصادي وعملية الإصلاح في بعض الدول العربية
خلاصة
الخاتمة
شرح بعض المصطلحات
الملاحق
المراجع
لتحميل المذكرة: http://www.treefiles.com/4i5oqeppqli5/أثر_تغيرات_أسعار_البترول_على_الإقتصاد_العربي.pdf.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق