السبت، 4 مايو 2013

بائعة الورد - غابرييل غارسيا ماركيز

6تحسست مينا طريقها في عتمة الفجر, و لبست ثوبها القصير الأكمام الذي كانت قد علقته في الليلة الماضية قرب الفراش, و جعلت تفتش في الصندوق الكبير عن الكمين المنفصلين الذين يكسوان الذراعين امتثالاً للواجب قبل الذهاب إلى الكنيسة ... ثم بحثت عنهما فوق المسامير المعلقة على الحائط و خلف الأبواب, حريصة في كل ذلك ألا تحدث أقل جلبة لكيلا توقظ جدتهما العمياء, التي كانت نائمة في نفس الغرفة ... و لكن ما أن اعتادت عيناها العتمة, حتى لاحظت أن جدتها قد نهضت من الفراش, فذهبت إليها في المطبخ لكي تسألها عن الكمين .. فقالت الجدة العمياء :
- هما في الحمام .. إنني غسلتهما أمس بعض الظهر ..
و فعلاً وجدتهما في المطبخ, معلقين من سلك ممدود بمشبكين .. و لكنهما كانا لا يزالان مبتلين .. فعادت مينا بهما إلى المطبخ و بسطتهما فوق أحجار الموقد .. و كانت الجدة العمياء تقلب القهوة و قد سمرت حدقتي عينيها الجامدتين على جدار الشرفة التي رصت فيها أصص الزهور مليئة بأعشاب طيبة ..
قالت لها مينا : لا تأخذي أشيائي مرة ثانية .. لا يمكنك هذه الأيام أن تتأكدي من طلوع الشمس ..
حركت المرأة العمياء وجهها نحو الصوت و قالت :
- إنني نسيت أن هذا يوم الجمعة الأول من أسبوع الفصح, موعد القداس ..
و بعد أن تأكدت الجدة بنفس قوي من فمها أن القهوة نضجت, رفعت الإناء عن الموقد, ثم قالت :
- ضعي قطعة من الورق تحت الكمين, لأن أحجار الموقد متسخة .
أجرت مينا أصابعها على أحجار الموقد .. فوجدها متسخة فعلاً, و لكن بطبقة من السناج المتحجر الذي لا يمكن أن يلوث الكمين إذا لم يحتكا بالأحجار .. على أنها قالت لجدتها :
- إذا اتسختا فستكونين أنت المسؤولة !..

تحميل رواية بائعة الورد

Capture2

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق