ليس من غير المألوف أن يقال إن معظم بلدان المتوسط سيئة السمعة في ما خص موقع المرأة الدوني. فعلى امتداد شمال أفريقيا وشطر واسع من الساحل الشرقي للمتوسط، يغتال أهل العائلة امرأة منهم لارتكابها "جريمة شرف". ونادراً جداً ما يلقى المرتكب العقوبة التي يستحق. هكذا تعيش النساء حياتهن كلها في ظل "حماية" الرجال الذين هم الآباء والإخوة والأزواج.
في هذا العمل الكلاسيكي الذي صدرت منه عدة طبعات في فرنسا، ترى جيرمين تيليون أن هذا الشكل المتطرف من الاضطهاد ليس سلوكاً شاذاً يقتصر على عالم المسلمين. فهو جزء من ميراث مستمد من الوثنية الماقبل تاريخية، التي لا تزال تثقل على المجتمعات المسيحية والمسلمة سواء بسواء.
أما الابتكار الاجتماعي الفريد الذي عرفه المتوسط، حيث يسترخي المحرّم القرابي ويشيع زواج أبناء الأعمام (وهو ما تسمّيه الباحثة "جمهورية أبناء العم")، فهو ما يؤسّس لتدمير وضع المرأة، كما لظروف أخرى اقتصادية وإنجابية تعود عليها بالسوء.
وإذا كانت سواحل المتوسط الشمالية قد غادرت "جمهورية أبناء العم" إلى "جمهورية المواطنين" الحديثة (ولو أنها خلفت تأثيرات عديدة على المجتمعات الأوروبية والأميركية)، فإن سواحل المتوسط الجنوبية والمسلمة لم تفعل بعد.
ودعماً لأطروحتها، تستنجد تيليون بأعمال مكتبة تمتد من هيرودوتس إلى القديس بولس وابن خلدون، كما تعتمد على الأسطورة والأدب والإثنوغرافيا والتاريخ الشخصي والتنقيب السوسيولوجي وقصص الحياة اليومية البديعة. فـ"جمهورية أبناء العم"، في النهاية، عمل ساحر ومدهش في اتساع نطاقه، يمزج بين المعاينة العلمية وذكاء الملاحظة والتأمل الذي
الجمعة، 17 مايو 2013
الحريم وابناء العم .... جرمين تيلبون
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق