يتناول الكتاب حاسة الشم من مختلف الجوانب، كما يستطلع أثر الرائحة على السلوك البشري والعلاقات الإنسانية، كما يقدم الكتاب أطروحات علمية عديدة وإشكاليات نفسية واجتماعية ذات صلة بعالم الرائحة، حيث تؤثر الروائح بشكل ملموس في المشاعر والعواطف الإنسانية، وما لها من تداعيات دراماتيكية على السلوك النفسي والجنسي والانفعالي؛ لأن حاسة الشم مرتبطة بحركة الهرمونات وبالدوائر العصبية في مخ الإنسان.
وحسب ما جاء في الاصدار، فقد ارتبطت العطور والروائح في كثير من الثقافات بالممارسات الدينية، وثمة فقرات لا حصر لها عن الروائح وردت في العهد القديم والجديد، وفي الحضارتين الفرعونية والإغريقية، كانت القرابين المقترنة بإطلاق البخور وسيلة لاسترضاء الآلهة، وشفاء المرضى، كما أمر الامبراطور الروماني نيرون بحرق أطنان من البخور لتتمكن روح بوبايا من العبور بأمان إلى الحياة الآخرة، وكانت كليوباترا، ملكة مصر، والامبراطورة جوزفين، زوجة نابليون بونابرت، تتعطران بشكل دائم بالمسك والياسمين وعطور فواحة أخرى، كما انتشر "التداوي بالعطور" لعلاج الأمراض النفسية والعقلية والجسمية منذ أقدم العصور، فقد نصح هوميروس - مؤلف الإلياذة والأوديسة - الناس في زمانه بأن يحرقوا الكبريتات في منازل المرضى، واقترح أبُقراط - الطبيب اليوناني الشهير - مكافحة الطاعون بحرق أعواد الأشجار، وفي مسرحية شكسبير المعروفة أمر الملك ليري خدمه أن يجلبوا له طيب السنور ليستنشقه فتذهب عنه الكآبة والأفكار السوداء.
لعب الشم دوراً تاريخياً في مجال الطب، إذ كان الأطباء يُشخصون الأمراض من رائحة أجساد مرضاهم، ومن الأطباء من نصح المرضى بشم روائح الزهور لما لها من تأثير فعال على الجهاز العصبي، وخاصة روائح خشب الصندل والبابونج التي تساعد على الاسترخاء، وبمعزل عن العمليات الفسيولوجية المرتبطة بالشم، فإنّ الروائح تؤثر في العلاقات والتقاليد والتواصل الاجتماعي، ومن دون الشم تفقد حياتنا الكثير من جمالها وبهجتها، ولكل إنسان "جواز سفر شمي" يميزه عن غيره، وتلعب جوازات السفر الشمية دورًا محورياً في تشكيل الشبكة العنكبوتية الاجتماعية التي تربط الناس بعضهم ببعض، كما تساعد الرُّضع على التعرف إلى أمهاتهم من روائح أجسادهن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق