لم يكن ابن طرَّاق يتخيل أن يخذله جسده الذي يعوِّل عليه كثيرًا، "هذي آخرتها". رددها كثيرًا في نفسه، كأنه كان يعاتب جسده ويديه اللتين كلما حاول أن يرفع إحداهما هبطت كأنها خرقة قماش بالية. يداه التي لطالما فجرت كنوز الأرض له، يداه التي بنت مَجدَه. أخذ ابن طرَّاق ينظر إلى صبحي بعمق وكأنما يعد خطوط التجاعيد في وجهه، بينما كان صبحي يبكي ويردد:
- ماتخفش يا عم، بسيطة إن شاء الله.
أخذت الغرفة تضيق في عيني ابن طرَّاق. الطبيب ما زال يحاول جاهدًا التواصل مع أقرب مستشفى حكومي دون جدوى، لا أحد يرد على الهاتف. بدا لابن طرَّاق شريط حياته يمر أمام عينيه بسرعة، توقف كثيرًا عند كلام الفاجر الذي قيل له ذات يوم: "سـتموت كمثل كلب أضاعه أهله في الصحراء". تلك الجملة التي تطرق أذنيه كجرسٍ صباحًا ومساءً.
استجمع ابن طرَّاق ما تبقى من قوته، نزع كمامة الأكسجين، وبدأ يتشهَّد، بيد أن صبحي شرع في أنين خافت يثقب القلب
الجمعة، 21 يونيو 2013
ابن طراق ... محمد السماري
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق