وتقول لها" وداعاً من يقول "أحبك"... وفي المسافة بين ليالي جرحها، ونهارات انهيارها، تتسلل هارباً منها، أميرة الحزن تلك، بيروت، تستقبلك الغربة بحرارة صفعة، وتضمك إلى صدرها المفروش بالمسامير، وتطوف بك بين المباهج المفخخة، ثم تدعك تستقر في وكرك الهادئ بين أسنان منشار التشرد... فتتساءل بحسرة: من يعيد تابوتي إلى بيروت؟ تغادرها، فتطاردها، الذين عاقروا بيروت وحبها، يعرفون أنها ستقطنهم لحظة يكفون عن الإقامة فيها أستيقظ صباحاً في محطة النسيان ورأسي سبورة ممسوحة، فيمر بي قطار أميرة الحزن مغسولاً بأمطار دامعة، وعبر النوافذ تحدق بي وجوه الذين أحبتهم هناك، والذين كرهتهم أو توهمت ذلك... أمد يدي لألامس ملامحهم نصف المنسية، الأموات منهم والأحياء، لكن القطار يتابع مسيرته الشجية دونما صوت كما في الكوابيس، وقبل أن أنادي في أحد أحبائي المقتولين، أو أرد على تلويحة آخر بيده المقطوعة في انفجار، يمضي القطار. يذوب في الضباب الأوروبي الصباحي. أمشي في الطرقات، فتطلع علي بيروت من المفارق... ويقصني الشوق كالسنبلة". كتاب حزن كبير، نقرأه كأننا نقرأ تاريخ حزننا واغترابنا، نقرأه بلغة غادة السمان التي تفصح وتدين بأسلوب يتميز بالتهكم الأسود الساخر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق