-- سيدي
يقاطعه المدير
- أعرف يا عاصم أفندي أعرف.
يحاول عاصم أفندي إكمال حديثه, لكن المدير يقاطعه ثانية
- لا تفكر بأني نسيتك, أشكرك كثيراً يا عاصم أفندي و أقدر جهودك, أعرف تماماً أن عمل المكتب ملقى على عاتقك و لو لم تكن موجوداً لتوقف العمل منذ زمن طويل.
يضغط المدير على زر الجرس, ليقول للحاجب:
- ليأت المدير الإداري إليّ.
ثم يتابع:
- إن جهودك لافتة للانتباه سأبدل طاولتك.
-- ليطل الله في عمرك يا سيدي.
يتوجه بكلامه إلى المدير الإداري الداخل:
- اشتروا لعاصم طاولة أكبر.
يخرج عاصم بيك متشكراً.
يعمل في هذا المكتب ثماني موظفات و سبعة و عشرون موظفاً, أما أن نقول إنهم يعملون فليس هذا كلاماً منطقياً, فهذا العدد من الموظفين و الموظفات لا لزوم له, فجميعهم يقبضون رواتبهم, و هو الوحيد الذي يعمل.
كان ينتج أكثر منهم جميعاً, و هذا معروف لعاصم بيك و لجميع الموظفين و المسؤولين.
حتى المدير كان يعرف ذلك, عاصم بيك الذي يعمل في هذا المكتب منذ أربعة عشر عاماً, لم يتغيب عن عمله يوماً واحداً. حتى عندما مرض لم ينقطع عن العمل بل داوم في عمله و هو مريض, كأن عمله من الصباح حتى المساء لا يكفيه, بل كان يأخذ المعاملات غير المنجزة إلى البيت, دائماً عندما كان يذهب من العمل إلى البيت و من البيت إلى العمل كانت حقيبته المهترئة مملوءة بالمعاملات.
حقيقة لا يمكن القول أن الموظفين الآخرين لا يداومون, فعندما لا تكون هناك مباريات في كرة القدم و عندما لا يكونون مأذونين أو مرضى, فإنهم يداومون في الدائرة و يمضون وقتاً مسلياً و جميلاً.
عاصم بيك يعمل في هذا المكتب منذ أربعة عشر عاماً إلا أن راتبه لم يزد منذ بداية تعيينه قرشاً واحداً, بينما زملاؤه في المكتب و حتى الذين تعينوا بعده ازدادت رواتبهم و مراتبهم.
كان عاصم بيك رجلاً مهذباً, إلا أن هذا لايعني أنه لم يكن يطالب بزيادة راتبه, بل على العكس, كان يزور المدير مرةً واحدةً على أقل تقدير و في نيته أن يقول له ( يا سيدي ), لكنه لم يستطع, فعندما يفتح فمه ليقول:
-- يا سيـ....
يقطع عليه المدير الحديث ليقول له:
- أعرف يا عاصم بيك, أنا مسرور جداً من عملك, لا تظنوا بأن عملكم لا لفت الانتباه ثم يطلب المدير الإداري ليقول له:
- اشتروا طاولة أكبر لعاصم بيك.
ينحني عاصم بيك احتراماً و يقول و هو خارج من غرفة المدير:
- أطال الله عمرك.
ذات يوم قدم المدير إلى غرفة الموظفين, سأل عاصم بيك مندهشاً:
- هل أنت تعمل على هذه الطاولة ؟
-- نعم
- كم طولها و عرضها ؟
قاسوا أبعاد الطاولة.. تسعة و سبعون, أربعون سنتمتراً.
صرخ المدير قائلاً:
- لايجوز, هيا خذوا هذه الطاولة و كبروها فوراً, ليكن طولها مترين على أقل تقدير.
أمر المدير في يوم آخر عندما زار غرفة الموظفين:
- يجب تلميع طاولة عاصم بيك.
كلما زار المدير هذه الغرفة يقوم بطلب بعض التغييرات على طاولة عاصم بيك.
- آه يا عاصم بيك طاولتكم بلا زجاج, هيا ضعوا لوح زجاج على طاولة عاصم بيك.
لا أحد من الموظفين لديه طاولة جديدة و كبيرة و ملمعة مثل طاولة عاصم بيك, و لا أحد منهم راتبه قليل مثل عاصم بيك, حتى طاولة المدير تبدو أمام طاولة عاصم بيك كدمية صغيرة.
المدير متفهم للغاية, و هو رجل طيب لذلك لم يكن عاصم بيك يتجرأ ليرفع صوته, أعماقه كانت تتحطم غيظاً, كان يفرح كثيراً لنمو و كبر طاولته من أسبوع لأسبوع و من شهر لشهر, طاولة عاصم بيك أصبحت طاولة كبيرة عرضها متر و نصف و طولها ثلاث أمتار.
ذات يوم كان عاصم بيك منزعجاً و مقهوراً بسبب الأزمة المالية التي يعانيها, دخل غرفة المدير دونما استئذان و بدأ حديثه:
-- سيدي..
سبق أن جهز كتاب استقالته, الورقة كانت في جيبه, و سيرميها في وجهه إن هو لن يدعه يكمل حديثه و يزيد راتبه:
-- سيـ....
-أوووووه عاصم أفندي, أنا مسرور جداً من عملكم, إنكم تعملون بشكل جيد.
ضغط المدير على زر الجرس و طلب المدير الإداري قائلاً:
- لم لا تكبرون طاولة عاصم بيك ؟
أجابه المدير الإداري:
_ يا سيدي لم يعد هناك مكان لطاولات الموظفين الآخرين.
-إذا انقلوا جميع الموظفين إلى غرفة أخرى.
أصبح عرض طاولة عاصم بيك مترين و نصف و طولها أربعة أمتار, استمر سيادته بالعمل وحيداً في هذه الغرفة و على هذه الطاولة الكبيرة لمدة شهرين, بعد ذلك في أحد الأيام وقف أمام المدير و حاول أن يقول له:
-- يا سيـ....
كان وجهه يفصح عن مدى غيظه و غضبه, و قبل أن ينطق بكلمته الأولى قاطعه المدير قائلاً:
- لا تقلق يا عاصم بيك, نحن دائماً نقدر العاملين بشكل جيد, لا تظن أنك غائب عن ناظري.
ضغط على زر الجرس منادياً المدير الإداري ليسأله:
- هل لمعتم طاولة عاصم بيك؟
_ نعم يا سيدي ! مرة كل شهر.
- و هل وضعتم لوحاً زجاجياً ؟
_ طبعاً يا سيدي.
- إذاً كبروا طاولة عاصم بيك.
(( جعلك )) عاصم بيك ورقة الاستقالة الموضوعة في جيبه. و خرج و هو يقول:
-- ليطل الله عمرك ياسيدي.
ذات يوم عندما تم تكبير طاولة عاصم بيك, قال المدير الإداري للمدير:
_ لا نستطيع تكبير طاولة عاصم بيك بعد الآن.
- لمَ؟
_ لأن الطاولة أخذت كل أرجاء الغرفة و لم يعد لعاصم بيك مكان للجلوس, لذلك فهو يجلس عند عتبة الباب.
- إذاً عليكم بهدم الجدار العازل بين الغرفتين و يجب أن تكبر طاولة عاصم بيك.
كبرت طاولة عاصم بيك و أصبحت كطاولة قادة الحروب التي يضعون عليها الخرائط و يديرون عليها العمليات العسكرية.
كاد عاصم بيك أن يطير من الفرح, لكن هذه الفرحة لم تستمر أكثر من شهرين, فهو لم يدفع أجرة البيت, و سيفصلون التيار الكهربائي عن بيته, و زوجته طلبت منه النقود و هو خارج إلى عمله.
دخل عاصم بيك مهلوساً إلى غرفة المدير يحاكي نفسه و كأنه يتشاجر مع المدير, ثمة سوائل تسيل من أنفه, لا.. بلغ السيل الزبى, أكثر من ذلك لن يتحمل, سيقول له كل ما سيتفوه به, إما زيادة إجرته أو الاستقالة.
دخل غرفة المدير بسرعة حتى دون أن يطرق الباب, لم يأت المدير بعد لم يبتعد عن الباب, و فور مجيء المدير قال له:
-- يا سيدي..
عادة لم يكن المدير يفسح له المجال كي يتم كلمته, أما الآن فقد كان مشغولاً بخلع معطفه و لم يكن لديه الوقت لسد فم عاصم بيك.
- عاصم بيك أنا سعيد جداً بعملكم.
-- يا سيدي أنا موظف في هذه الدائرة منذ أربعة عشر عاماً.
- نشاطكم في العمل...
-- لكن و حتى الآن لم تزد أجرتي الشهرية بتاتاً..
- طاولتكم..
-- لا, أنا لا أريد طاولة أو ما شابه, أجور الجميع زيدت إلا أنا..
- طاولتكم..
هذه المرة ليس عاصم بيك الذي لا يستطيع إتمام حديثه بل المدير, عاصم بيك يأخذ بثأره من صمت أربعة عشر عاماً, فتح فمه و أغلق عينيه, صرخ به المدير بعدما استمع لفترة:
- أنت رجل جاحد, أنت لا تفهم بالمعروف, طاولة من كبيرة مثل طاولتك في هذه الإدارة الكبيرة ؟.. مَن مِنَ الموظفين يجلس خلف طاولة مثل طاولتك ؟.. ليس لديك أدنى إحساس بالخجل, و لا الإنصاف ! ولك ماذا تريدني أن أفعل لك أكثر من ذلك, كبرت طاولتك في كل شهر, ولك أنا المدير بحجمي و مكانتي ليس لدي طاولة مثل طاولتك, طاولتك على وشك أن تحتل العمارة, هيا انقلع من هنا, إن لم يعجبك فقدم استقالتك, كفى..
عاصم بيك خرج متهاويا,ً ذهب إلى غرفته, نظر إلى طاولته الكبيرة الضخمة, كانت جميلة, غرفة نومه لم تكن بكبر طاولته, لا, لن يجد في مكان آخر مثل هذا الاحترام, جلس خلف طاولته و بدأ بالعمل.
منذ ذلك اليوم لم تكبر طاولة عاصم بيك أكثر.
يقاطعه المدير
- أعرف يا عاصم أفندي أعرف.
يحاول عاصم أفندي إكمال حديثه, لكن المدير يقاطعه ثانية
- لا تفكر بأني نسيتك, أشكرك كثيراً يا عاصم أفندي و أقدر جهودك, أعرف تماماً أن عمل المكتب ملقى على عاتقك و لو لم تكن موجوداً لتوقف العمل منذ زمن طويل.
يضغط المدير على زر الجرس, ليقول للحاجب:
- ليأت المدير الإداري إليّ.
ثم يتابع:
- إن جهودك لافتة للانتباه سأبدل طاولتك.
-- ليطل الله في عمرك يا سيدي.
يتوجه بكلامه إلى المدير الإداري الداخل:
- اشتروا لعاصم طاولة أكبر.
يخرج عاصم بيك متشكراً.
يعمل في هذا المكتب ثماني موظفات و سبعة و عشرون موظفاً, أما أن نقول إنهم يعملون فليس هذا كلاماً منطقياً, فهذا العدد من الموظفين و الموظفات لا لزوم له, فجميعهم يقبضون رواتبهم, و هو الوحيد الذي يعمل.
كان ينتج أكثر منهم جميعاً, و هذا معروف لعاصم بيك و لجميع الموظفين و المسؤولين.
حتى المدير كان يعرف ذلك, عاصم بيك الذي يعمل في هذا المكتب منذ أربعة عشر عاماً, لم يتغيب عن عمله يوماً واحداً. حتى عندما مرض لم ينقطع عن العمل بل داوم في عمله و هو مريض, كأن عمله من الصباح حتى المساء لا يكفيه, بل كان يأخذ المعاملات غير المنجزة إلى البيت, دائماً عندما كان يذهب من العمل إلى البيت و من البيت إلى العمل كانت حقيبته المهترئة مملوءة بالمعاملات.
حقيقة لا يمكن القول أن الموظفين الآخرين لا يداومون, فعندما لا تكون هناك مباريات في كرة القدم و عندما لا يكونون مأذونين أو مرضى, فإنهم يداومون في الدائرة و يمضون وقتاً مسلياً و جميلاً.
عاصم بيك يعمل في هذا المكتب منذ أربعة عشر عاماً إلا أن راتبه لم يزد منذ بداية تعيينه قرشاً واحداً, بينما زملاؤه في المكتب و حتى الذين تعينوا بعده ازدادت رواتبهم و مراتبهم.
كان عاصم بيك رجلاً مهذباً, إلا أن هذا لايعني أنه لم يكن يطالب بزيادة راتبه, بل على العكس, كان يزور المدير مرةً واحدةً على أقل تقدير و في نيته أن يقول له ( يا سيدي ), لكنه لم يستطع, فعندما يفتح فمه ليقول:
-- يا سيـ....
يقطع عليه المدير الحديث ليقول له:
- أعرف يا عاصم بيك, أنا مسرور جداً من عملك, لا تظنوا بأن عملكم لا لفت الانتباه ثم يطلب المدير الإداري ليقول له:
- اشتروا طاولة أكبر لعاصم بيك.
ينحني عاصم بيك احتراماً و يقول و هو خارج من غرفة المدير:
- أطال الله عمرك.
ذات يوم قدم المدير إلى غرفة الموظفين, سأل عاصم بيك مندهشاً:
- هل أنت تعمل على هذه الطاولة ؟
-- نعم
- كم طولها و عرضها ؟
قاسوا أبعاد الطاولة.. تسعة و سبعون, أربعون سنتمتراً.
صرخ المدير قائلاً:
- لايجوز, هيا خذوا هذه الطاولة و كبروها فوراً, ليكن طولها مترين على أقل تقدير.
أمر المدير في يوم آخر عندما زار غرفة الموظفين:
- يجب تلميع طاولة عاصم بيك.
كلما زار المدير هذه الغرفة يقوم بطلب بعض التغييرات على طاولة عاصم بيك.
- آه يا عاصم بيك طاولتكم بلا زجاج, هيا ضعوا لوح زجاج على طاولة عاصم بيك.
لا أحد من الموظفين لديه طاولة جديدة و كبيرة و ملمعة مثل طاولة عاصم بيك, و لا أحد منهم راتبه قليل مثل عاصم بيك, حتى طاولة المدير تبدو أمام طاولة عاصم بيك كدمية صغيرة.
المدير متفهم للغاية, و هو رجل طيب لذلك لم يكن عاصم بيك يتجرأ ليرفع صوته, أعماقه كانت تتحطم غيظاً, كان يفرح كثيراً لنمو و كبر طاولته من أسبوع لأسبوع و من شهر لشهر, طاولة عاصم بيك أصبحت طاولة كبيرة عرضها متر و نصف و طولها ثلاث أمتار.
ذات يوم كان عاصم بيك منزعجاً و مقهوراً بسبب الأزمة المالية التي يعانيها, دخل غرفة المدير دونما استئذان و بدأ حديثه:
-- سيدي..
سبق أن جهز كتاب استقالته, الورقة كانت في جيبه, و سيرميها في وجهه إن هو لن يدعه يكمل حديثه و يزيد راتبه:
-- سيـ....
-أوووووه عاصم أفندي, أنا مسرور جداً من عملكم, إنكم تعملون بشكل جيد.
ضغط المدير على زر الجرس و طلب المدير الإداري قائلاً:
- لم لا تكبرون طاولة عاصم بيك ؟
أجابه المدير الإداري:
_ يا سيدي لم يعد هناك مكان لطاولات الموظفين الآخرين.
-إذا انقلوا جميع الموظفين إلى غرفة أخرى.
أصبح عرض طاولة عاصم بيك مترين و نصف و طولها أربعة أمتار, استمر سيادته بالعمل وحيداً في هذه الغرفة و على هذه الطاولة الكبيرة لمدة شهرين, بعد ذلك في أحد الأيام وقف أمام المدير و حاول أن يقول له:
-- يا سيـ....
كان وجهه يفصح عن مدى غيظه و غضبه, و قبل أن ينطق بكلمته الأولى قاطعه المدير قائلاً:
- لا تقلق يا عاصم بيك, نحن دائماً نقدر العاملين بشكل جيد, لا تظن أنك غائب عن ناظري.
ضغط على زر الجرس منادياً المدير الإداري ليسأله:
- هل لمعتم طاولة عاصم بيك؟
_ نعم يا سيدي ! مرة كل شهر.
- و هل وضعتم لوحاً زجاجياً ؟
_ طبعاً يا سيدي.
- إذاً كبروا طاولة عاصم بيك.
(( جعلك )) عاصم بيك ورقة الاستقالة الموضوعة في جيبه. و خرج و هو يقول:
-- ليطل الله عمرك ياسيدي.
ذات يوم عندما تم تكبير طاولة عاصم بيك, قال المدير الإداري للمدير:
_ لا نستطيع تكبير طاولة عاصم بيك بعد الآن.
- لمَ؟
_ لأن الطاولة أخذت كل أرجاء الغرفة و لم يعد لعاصم بيك مكان للجلوس, لذلك فهو يجلس عند عتبة الباب.
- إذاً عليكم بهدم الجدار العازل بين الغرفتين و يجب أن تكبر طاولة عاصم بيك.
كبرت طاولة عاصم بيك و أصبحت كطاولة قادة الحروب التي يضعون عليها الخرائط و يديرون عليها العمليات العسكرية.
كاد عاصم بيك أن يطير من الفرح, لكن هذه الفرحة لم تستمر أكثر من شهرين, فهو لم يدفع أجرة البيت, و سيفصلون التيار الكهربائي عن بيته, و زوجته طلبت منه النقود و هو خارج إلى عمله.
دخل عاصم بيك مهلوساً إلى غرفة المدير يحاكي نفسه و كأنه يتشاجر مع المدير, ثمة سوائل تسيل من أنفه, لا.. بلغ السيل الزبى, أكثر من ذلك لن يتحمل, سيقول له كل ما سيتفوه به, إما زيادة إجرته أو الاستقالة.
دخل غرفة المدير بسرعة حتى دون أن يطرق الباب, لم يأت المدير بعد لم يبتعد عن الباب, و فور مجيء المدير قال له:
-- يا سيدي..
عادة لم يكن المدير يفسح له المجال كي يتم كلمته, أما الآن فقد كان مشغولاً بخلع معطفه و لم يكن لديه الوقت لسد فم عاصم بيك.
- عاصم بيك أنا سعيد جداً بعملكم.
-- يا سيدي أنا موظف في هذه الدائرة منذ أربعة عشر عاماً.
- نشاطكم في العمل...
-- لكن و حتى الآن لم تزد أجرتي الشهرية بتاتاً..
- طاولتكم..
-- لا, أنا لا أريد طاولة أو ما شابه, أجور الجميع زيدت إلا أنا..
- طاولتكم..
هذه المرة ليس عاصم بيك الذي لا يستطيع إتمام حديثه بل المدير, عاصم بيك يأخذ بثأره من صمت أربعة عشر عاماً, فتح فمه و أغلق عينيه, صرخ به المدير بعدما استمع لفترة:
- أنت رجل جاحد, أنت لا تفهم بالمعروف, طاولة من كبيرة مثل طاولتك في هذه الإدارة الكبيرة ؟.. مَن مِنَ الموظفين يجلس خلف طاولة مثل طاولتك ؟.. ليس لديك أدنى إحساس بالخجل, و لا الإنصاف ! ولك ماذا تريدني أن أفعل لك أكثر من ذلك, كبرت طاولتك في كل شهر, ولك أنا المدير بحجمي و مكانتي ليس لدي طاولة مثل طاولتك, طاولتك على وشك أن تحتل العمارة, هيا انقلع من هنا, إن لم يعجبك فقدم استقالتك, كفى..
عاصم بيك خرج متهاويا,ً ذهب إلى غرفته, نظر إلى طاولته الكبيرة الضخمة, كانت جميلة, غرفة نومه لم تكن بكبر طاولته, لا, لن يجد في مكان آخر مثل هذا الاحترام, جلس خلف طاولته و بدأ بالعمل.
منذ ذلك اليوم لم تكبر طاولة عاصم بيك أكثر.
الكاتب: عزيز نيسين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق