كان يا ما كان.. كان، أو ما كان... في قديم الزمان، مكان ما في العام، مكان ما كان فيه شيء، في هذا المكان الذي ما كان فيه شيء، كان ثمة سلطان، السلطان عنده خزينة، في الخزينة أمانة الشعب الغالية. الشعب يفخر بهذه الأمانة الآيلة إليه من أجداده... يتناسى فقره وبؤسه ويتباهى بها قائلا:
وحتى لو لم يكن عندنا شئ يكفينا أن تكون عندنا هكذا أمانة من الأجداد لا يفعل ذلك شخص شخصان... وإنما كل فرد من أفراد الشعب يستأثر بحصة من المباهاة بهذه الأمانة القيمة الباقية له من أجداده... يحميها بروحه وجسده.
وطالما أن أحسن مكان لحفظ الأمانة التي هي مال الشعب هو خزينة السلطان فقد خبئت فيها، يحرسها رجال مدججون، لا يغمض لهم جفن ولا يدعون الطير تطير فوقها.
السلطان والصدر الأعظم وذوو المراتب في القصر يقسمون بشرفهم مرة كل عام على حمايتها.
ودارت الأيام، ومرت الأيام... حتى جاء يوم فكر فيه السلطان بمعرفة ما هي هذه الأمانة التي يستفديها الناس بأرواحهم ودمائهم
فصار يتحرق شوقأ إلى معرفة ما بداخل خزينة الأمانة تلك.ولم يعد يطيق صبرأ فدخل جناح الخزينة. لا يستطيع الحراس القول للسلطان:ممنوع. فالسلطان والصدر الأعظم والوزراء يدخلون متى ما شاؤوا ليرو ما إذا كانت الخزينة لا تزال في مكانها.
السلطان فعل هكذا: الأمانة موجودة في غرف متداخلة. كل غرفة تؤدي إلى أخرى حتى الحادية والأربعين، حيث الخزينة في خزائن متداخلة كل خزينة تفتح عن خزينة... حتى الحادية والأربعين. فتح الأربعين غرفة وخش الحادية والأربعين. فتح أربعين خزينة... وبينما كان يفتح الحادية والأربعين، أخذ قلبه يضرب... ذلك أنه كان يمتلك الكثير من الفضول لمعرفة الشيء الذي يحمونه طيلة هذه السنين. فماذا رأى؟
كانت جوهرة لم تقع عين بشر على مثيلها حتى ذلك الزمان... جوهرة تتلألأ وتضطرم كألسنة النار. لو قلت من ذهب ما حزرت، أو قلت بلاتينأ لأخطأت، أو قلت من فضة ما أصبت. لم يتمالك نفسه فقال: آخذ أمانة الأجداد هذه لي، تصبح ملكي... ومن الذي سيعرف وكيف؟
أخذ الأمانة المقدسة التي كانت تتلألأ كقطعة من الشمس ودسها في جيبه. لكنه بدأ يتخوف ماذا لو اكتشفوا أنني سرقتها؟... لأضع مكانها قطعة من الذهب مزينة بالماس واللؤلؤ والزمرد والصدف والياقوت. وطالما أنه لم يسبق لأحد أن رآها فلن يفهم أنها مسروقة، فيما لو فتحت الخزنة ذات يوم...
ومثلما قال فعل. أقفل إحدى وأربعين خزينة متداخلة، وفوقها واحد وأربعين بابا، وهو يرتعش من خشية أن يشك أحد أنه سرق الأمانة.
حتى ذلك الزمان كان يقسم يمين واحد في السنة على حماية الأمانة، فضاعفها إلى مرتين: يجتمع أبناء الشعب والمديرون والسلطان ويقسمون على أنهم سيحمون الأمانة المقدسة الباقية من الأجداد، بأرواحهم ودمائهم.
الصدر الأعظم رجل داهية. داخله الشك فقال لنفسه كنا نقسم مرة في السنة فلماذا رفعها السلطان إلى اثنين؟
وفي يوم من الأيام دخل جناح الخزينة موسوسا: ما هي هذه الأمانة التي نحميها طيلة هذه السنين؟ مر من إحدى وأربعين غرفة، فتح إحدى وأربعين خزينة رأى الأمانة. وقف مشدوها أمام قطعة الذهب التي وضعها السلطان لئلا ينتبه لفعلته أحد. آخذ هذه الأمانة مكانها قطعة ذهب مزينة بحجارة لماعة. وكيفما كانت، وطالما أن الأمانة لا يعرفها أحد، فإن من يفتح الصندوق يومأ سيعتقد أن هذه هي الأمانة المقدسة...
ومثلما قال فعل. وخوفأ من أن تكشف عملته أزمع أن يرفع عدد المرات التي يقسم فيها اليمين إلى أربع: في الصيف والشتاء والربيع والخريف، مثلما سبق للسلطان أن رفعها إلى اثنتين.
أحد الوزراء رجل داهية. دخل الشك نفسه، كنا حتى الآن نقسم مرتين، فلماذا زادوها إلى أربع؟
هو الآخر، وطالما أنه يستطيع الدخول دون اعتراض من أحد، فقد دخل يوما عبر الإحدى والأربعين غرفة، فتح الإحدى والأربعين خزينة، فلمعت عيناه بفرح إذ رأى قطعة الذهب المزينة بالحجارة اللماعة: لو آخذها وأضع مكانها قطعة فضة، فمن سيعرف؟
ومثلما قال فعل، ورفع مدفوعا بخوفه من أن يكتشف أمره عدد مرات الحلفان إلى مرة كل شهر.. صار الشعب يجتمع في الساحات العامة مرة كل شهر، ويقسم على أنه سيحمي الأمانة المقدسة حتى آخر رجل وآخر قطرة دم.
مشرف القصر واحد داهية، توسوس من رفع معدلات الإقسام إلى مرة في الشهر قال: ثمة ما يريب. لأذهب وأر. مر من إحدى وأربعين غرفة، فتح الإحدى وأربعين خزينة.. رأى أمانة الأجداد المقدسة فأعجب بها: لو آخذها وأضع مكانها قطعة نحاس فمن الذي سيدري ؟
ومثلما قال فعل. فعلها، وخوفأ من افتضاح أمره، ولكي يعتقد الناس أنه حريص عليها، فقد جعل اليمين يقسم مرة في الأسبوع.
الضابط الذي يحمي الخزينة -هو الآخر- داهية: ما الذي يجري ؟ كل أسبوع نقسم. لأذهب وأر هذه الأمانة المقدسة.. وكما فعل الآخرون مر من إحدى وأربعين غرفة فتح إحدى وأربعين خينة. رأى قطعة نحاس اللامعة ففرح بها: إذا أخذتها ووضعت مكانها قطعة حديد، فمن سيعرف؟
ومثلما قال فعل. ولكي يملص من عملته، وليعتقد الناس أنه غيور على الأمانة يفتديها بروحه وجسده، فقد رفع معدلات الحلفان إلى مرة في اليوم !
ودارت الأيام، ومرت الأيام.. ظهر من بين الناس رجل قال:
كل يوم ونحن نقسم على أننا سنحمي الأمانة الباقية من الأجداد بدمائنا وأرواحنا.. ونحن في واقع الحال نخبئها في الخزينة ونحميها على نحو جيد.. لكن ما هذه الأمانة؟ ألسنا نحن المؤتمنين عليها؟ تعالوا إذن نفتح الغرف والخزائن لنر ما نحمي.
أحدثت كلمات الرجل تأثيرا كتأثير القنبلة. الذين خانوا الأمانة، وعلى رأسهم السلطان، تقدموا نحوه وطوقوه، الذين أخذوا الأمانة، على التوالي، واستبدلوها بأشياء مزورة، مكل واحد منهم يعتقد أنه فعلها دون علم الآخرين، ارتعشوا خوفا من اكتشاف السرقة، فقالوا للرجل الذي قال لنر الأمانة التي نحميها:
- آخ يا خاين.. وأنت من أنت حتى ترى الأمانة المقدسة التي انتقلت إلينا من الأجداد؟؟
ألبسوه تهمة الإقلال من هيبة الأمانة.. وما بقى إلا شيء قليل حتى يتحول الرجل إلى.. ممسحة...
قال السلطان:
إذا كنا سنقتل هذا الرجل فلنقتله وفق القانون...
ولكي يعدموا الرجل سنوا قانونا خاصا، وقتل الرجل بقرار محكمة خاصة.
بيد أن المسألة لم تنته بإعدام الرجل. كلماته انتقلت من فم إلى الفم.. والفكرة أخذت تكبر كجرف ثلجي.
في يوم من الأيام فكر رجل من الناس لنذهب ونر هذه الأمانة طالما أننا سنموت في سبيلها لكنه ولأنه يعرف ما جرى للذي قبله لم يتفوه بكلمة أمام البشر، وضع في رأسه أنه سيتسلل إلى الخزينة ويرى ما بداخلها سرا.
السلطان والصدر الأعظم والوزراء، وكافة حرامية الأمانة بمن فيهم الضابط الذي استبدل قطعة الحديد بتنكة صدئة ولكيلا تظهر سرقتهم، أو بالأحرى لئلا يكتشف أنهم استبدلوها صاروا يحرسونها على نحو أشد.
وبينما كان الرجل الذي نجح في الدخول سرا إلى الخزينة، بينما كان خارجا بالأمانة المقدسة ليريها للناس، رأى الضابط التنكة في يده، فصرخ:
- هذه ليست هي !
الوزير قال أيضا: هذه ليست هي !
الذين في القصر، بمن فيهم السلطان، قالوا:
هذه ليست هي !.. هذه ليست هي!..
فسألهم الرجل الممسك بالتنكة الصدئة:
وكيف عرفتم أن هذه ليست الأمانة المقدسة؟ وإذا لم تكن هي، فما هي..؟
لم يتمكن أحد من الحاضرين من الإجابة على سؤاله، ذلك أن كل واحد منهم قد فهم أن الشيء الذي وضعه بدل الأمانة قد سرق فيما بعد.
خنقوا الرجل الممسوك وأعادوا التنكة الصدئة إلى مكانها ضمن إحدى وأربعين خزينة وإحدى وأربعين غرفة. ولحماية الأمانة المقدسة سنوا قانونا يتوجب على كل فرد من الشعب بموجبه أن يحلف صباحا وظهرا ومساء على حماية الأمانة المقدسة.
ولم يستطيع أحد من الذين يقسمون الأيمان أن يعرف أن الأمانة قد تحولت من سرقة إلى سرقة إلى تنكة صدئة.
وحتى لو لم يكن عندنا شئ يكفينا أن تكون عندنا هكذا أمانة من الأجداد لا يفعل ذلك شخص شخصان... وإنما كل فرد من أفراد الشعب يستأثر بحصة من المباهاة بهذه الأمانة القيمة الباقية له من أجداده... يحميها بروحه وجسده.
وطالما أن أحسن مكان لحفظ الأمانة التي هي مال الشعب هو خزينة السلطان فقد خبئت فيها، يحرسها رجال مدججون، لا يغمض لهم جفن ولا يدعون الطير تطير فوقها.
السلطان والصدر الأعظم وذوو المراتب في القصر يقسمون بشرفهم مرة كل عام على حمايتها.
ودارت الأيام، ومرت الأيام... حتى جاء يوم فكر فيه السلطان بمعرفة ما هي هذه الأمانة التي يستفديها الناس بأرواحهم ودمائهم
فصار يتحرق شوقأ إلى معرفة ما بداخل خزينة الأمانة تلك.ولم يعد يطيق صبرأ فدخل جناح الخزينة. لا يستطيع الحراس القول للسلطان:ممنوع. فالسلطان والصدر الأعظم والوزراء يدخلون متى ما شاؤوا ليرو ما إذا كانت الخزينة لا تزال في مكانها.
السلطان فعل هكذا: الأمانة موجودة في غرف متداخلة. كل غرفة تؤدي إلى أخرى حتى الحادية والأربعين، حيث الخزينة في خزائن متداخلة كل خزينة تفتح عن خزينة... حتى الحادية والأربعين. فتح الأربعين غرفة وخش الحادية والأربعين. فتح أربعين خزينة... وبينما كان يفتح الحادية والأربعين، أخذ قلبه يضرب... ذلك أنه كان يمتلك الكثير من الفضول لمعرفة الشيء الذي يحمونه طيلة هذه السنين. فماذا رأى؟
كانت جوهرة لم تقع عين بشر على مثيلها حتى ذلك الزمان... جوهرة تتلألأ وتضطرم كألسنة النار. لو قلت من ذهب ما حزرت، أو قلت بلاتينأ لأخطأت، أو قلت من فضة ما أصبت. لم يتمالك نفسه فقال: آخذ أمانة الأجداد هذه لي، تصبح ملكي... ومن الذي سيعرف وكيف؟
أخذ الأمانة المقدسة التي كانت تتلألأ كقطعة من الشمس ودسها في جيبه. لكنه بدأ يتخوف ماذا لو اكتشفوا أنني سرقتها؟... لأضع مكانها قطعة من الذهب مزينة بالماس واللؤلؤ والزمرد والصدف والياقوت. وطالما أنه لم يسبق لأحد أن رآها فلن يفهم أنها مسروقة، فيما لو فتحت الخزنة ذات يوم...
ومثلما قال فعل. أقفل إحدى وأربعين خزينة متداخلة، وفوقها واحد وأربعين بابا، وهو يرتعش من خشية أن يشك أحد أنه سرق الأمانة.
حتى ذلك الزمان كان يقسم يمين واحد في السنة على حماية الأمانة، فضاعفها إلى مرتين: يجتمع أبناء الشعب والمديرون والسلطان ويقسمون على أنهم سيحمون الأمانة المقدسة الباقية من الأجداد، بأرواحهم ودمائهم.
الصدر الأعظم رجل داهية. داخله الشك فقال لنفسه كنا نقسم مرة في السنة فلماذا رفعها السلطان إلى اثنين؟
وفي يوم من الأيام دخل جناح الخزينة موسوسا: ما هي هذه الأمانة التي نحميها طيلة هذه السنين؟ مر من إحدى وأربعين غرفة، فتح إحدى وأربعين خزينة رأى الأمانة. وقف مشدوها أمام قطعة الذهب التي وضعها السلطان لئلا ينتبه لفعلته أحد. آخذ هذه الأمانة مكانها قطعة ذهب مزينة بحجارة لماعة. وكيفما كانت، وطالما أن الأمانة لا يعرفها أحد، فإن من يفتح الصندوق يومأ سيعتقد أن هذه هي الأمانة المقدسة...
ومثلما قال فعل. وخوفأ من أن تكشف عملته أزمع أن يرفع عدد المرات التي يقسم فيها اليمين إلى أربع: في الصيف والشتاء والربيع والخريف، مثلما سبق للسلطان أن رفعها إلى اثنتين.
أحد الوزراء رجل داهية. دخل الشك نفسه، كنا حتى الآن نقسم مرتين، فلماذا زادوها إلى أربع؟
هو الآخر، وطالما أنه يستطيع الدخول دون اعتراض من أحد، فقد دخل يوما عبر الإحدى والأربعين غرفة، فتح الإحدى والأربعين خزينة، فلمعت عيناه بفرح إذ رأى قطعة الذهب المزينة بالحجارة اللماعة: لو آخذها وأضع مكانها قطعة فضة، فمن سيعرف؟
ومثلما قال فعل، ورفع مدفوعا بخوفه من أن يكتشف أمره عدد مرات الحلفان إلى مرة كل شهر.. صار الشعب يجتمع في الساحات العامة مرة كل شهر، ويقسم على أنه سيحمي الأمانة المقدسة حتى آخر رجل وآخر قطرة دم.
مشرف القصر واحد داهية، توسوس من رفع معدلات الإقسام إلى مرة في الشهر قال: ثمة ما يريب. لأذهب وأر. مر من إحدى وأربعين غرفة، فتح الإحدى وأربعين خزينة.. رأى أمانة الأجداد المقدسة فأعجب بها: لو آخذها وأضع مكانها قطعة نحاس فمن الذي سيدري ؟
ومثلما قال فعل. فعلها، وخوفأ من افتضاح أمره، ولكي يعتقد الناس أنه حريص عليها، فقد جعل اليمين يقسم مرة في الأسبوع.
الضابط الذي يحمي الخزينة -هو الآخر- داهية: ما الذي يجري ؟ كل أسبوع نقسم. لأذهب وأر هذه الأمانة المقدسة.. وكما فعل الآخرون مر من إحدى وأربعين غرفة فتح إحدى وأربعين خينة. رأى قطعة نحاس اللامعة ففرح بها: إذا أخذتها ووضعت مكانها قطعة حديد، فمن سيعرف؟
ومثلما قال فعل. ولكي يملص من عملته، وليعتقد الناس أنه غيور على الأمانة يفتديها بروحه وجسده، فقد رفع معدلات الحلفان إلى مرة في اليوم !
ودارت الأيام، ومرت الأيام.. ظهر من بين الناس رجل قال:
كل يوم ونحن نقسم على أننا سنحمي الأمانة الباقية من الأجداد بدمائنا وأرواحنا.. ونحن في واقع الحال نخبئها في الخزينة ونحميها على نحو جيد.. لكن ما هذه الأمانة؟ ألسنا نحن المؤتمنين عليها؟ تعالوا إذن نفتح الغرف والخزائن لنر ما نحمي.
أحدثت كلمات الرجل تأثيرا كتأثير القنبلة. الذين خانوا الأمانة، وعلى رأسهم السلطان، تقدموا نحوه وطوقوه، الذين أخذوا الأمانة، على التوالي، واستبدلوها بأشياء مزورة، مكل واحد منهم يعتقد أنه فعلها دون علم الآخرين، ارتعشوا خوفا من اكتشاف السرقة، فقالوا للرجل الذي قال لنر الأمانة التي نحميها:
- آخ يا خاين.. وأنت من أنت حتى ترى الأمانة المقدسة التي انتقلت إلينا من الأجداد؟؟
ألبسوه تهمة الإقلال من هيبة الأمانة.. وما بقى إلا شيء قليل حتى يتحول الرجل إلى.. ممسحة...
قال السلطان:
إذا كنا سنقتل هذا الرجل فلنقتله وفق القانون...
ولكي يعدموا الرجل سنوا قانونا خاصا، وقتل الرجل بقرار محكمة خاصة.
بيد أن المسألة لم تنته بإعدام الرجل. كلماته انتقلت من فم إلى الفم.. والفكرة أخذت تكبر كجرف ثلجي.
في يوم من الأيام فكر رجل من الناس لنذهب ونر هذه الأمانة طالما أننا سنموت في سبيلها لكنه ولأنه يعرف ما جرى للذي قبله لم يتفوه بكلمة أمام البشر، وضع في رأسه أنه سيتسلل إلى الخزينة ويرى ما بداخلها سرا.
السلطان والصدر الأعظم والوزراء، وكافة حرامية الأمانة بمن فيهم الضابط الذي استبدل قطعة الحديد بتنكة صدئة ولكيلا تظهر سرقتهم، أو بالأحرى لئلا يكتشف أنهم استبدلوها صاروا يحرسونها على نحو أشد.
وبينما كان الرجل الذي نجح في الدخول سرا إلى الخزينة، بينما كان خارجا بالأمانة المقدسة ليريها للناس، رأى الضابط التنكة في يده، فصرخ:
- هذه ليست هي !
الوزير قال أيضا: هذه ليست هي !
الذين في القصر، بمن فيهم السلطان، قالوا:
هذه ليست هي !.. هذه ليست هي!..
فسألهم الرجل الممسك بالتنكة الصدئة:
وكيف عرفتم أن هذه ليست الأمانة المقدسة؟ وإذا لم تكن هي، فما هي..؟
لم يتمكن أحد من الحاضرين من الإجابة على سؤاله، ذلك أن كل واحد منهم قد فهم أن الشيء الذي وضعه بدل الأمانة قد سرق فيما بعد.
خنقوا الرجل الممسوك وأعادوا التنكة الصدئة إلى مكانها ضمن إحدى وأربعين خزينة وإحدى وأربعين غرفة. ولحماية الأمانة المقدسة سنوا قانونا يتوجب على كل فرد من الشعب بموجبه أن يحلف صباحا وظهرا ومساء على حماية الأمانة المقدسة.
ولم يستطيع أحد من الذين يقسمون الأيمان أن يعرف أن الأمانة قد تحولت من سرقة إلى سرقة إلى تنكة صدئة.
الكاتب:عزيز نيسين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق