الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

ابن باديس وعروبة الجزائر لـــ محمد الميلي

ابن باديس

ولد ابن باديس في ديسمبر 1889، وسط أسرة من أكبر الأسر القسنطينية، يمتد نسبها إلى أسرة مالكة هي أسرة المعز الصنهاجي. وسنرى -من خلال بعض نصوصه- أن ابن باديس المعتز بعروبته، المتمسك بإسلامه، لا يحاول إخفاء هذا الأصل الأمازيغي، بل هو يعلنه ويعتز به.

وقد كانت أسرة ابن باديس من بين الأسر التي تعاملت مع الإدارة الاستعمارية، فجده، مكي بن باديس، كان قد تحصل على وسام من يد نابليون الثالث عام 1864 أما أبوه، محمد المصطفى، فقد كان عضواً في المجلس الأعلى للجزائر.

أتم ابن باديس حفظ القرآن في السنة الثالثة عشرة من عمره أخذ مبادئ العربية ومبادئ الإسلام عن الشيخ حمدان لونيسي (الذي هاجر فيما بعد إلى المدينة حيث توفي). تحول بعد ذلك إلى جامع الزيتونة، حيث درس من عام 1908 إلى عام 1912. كان طموح ابن باديس هو أن يتفرغ للتدريس في قسنطينة، وأن يكون واسطة عقد حلقات دراسية، مثل تلك التي شهدها في تونس والتي فتحت عينيه على آفاق جديدة، وفتقت نظره وفكره، لكن صعوبات مؤقتة منعته من تحقيق حلمه آنذاك.

ولا شك أن شابابً، مثل ابن باديس طلعة، لم يكن ليقنع بأن يقبع دون عمل، رغم أن و ضعية اسرته تسمح له بذلك. وقد كان ابن باديس، خلال دراسته بتونس، قد اتصل ببعض روافد الفكر العربي والإسلامي الإصلاحي. ولا شك أ، ذلك الاتصال -غير المباشر- قد أثار عنده علامات استفهام، لم يستطع أن يجد عنها كلها إجابات كافية.

لذلك فكر في القيام برحلة إلى المشرق العربي، بمناسبة موسم الحج. وقد كان ابن بادريس في حاجة للقيام باتصال مباشر مع مواقع الفكر الإصلاحي في المشرق، خصوصاً وإن الجزائر كانت، عشية الحرب العالمية الأولى، تواجه وضعاً خاصاً بفعل التمييز العنصري الذي مارسه الاستعمار والذي عرف بـ"قانون الاتديجينا"، وبفعل فرض الخدمة العسكرية على الجزائريين، بعد أن كانت قاصرة على الفرنسيين.

ولا شك أن رهافة حس ابن باديس التي ضاعفت منها الوضعية الخاصة لجزائر ذلك العهد، قد جعلته مهيأ أكثر من أي وقتن مضى لتلقي التيارات الفكرية التي كانت تسيطر على المشرق، والتأثر بها.

لكن ابن باديس، علم الرغم من تأثيره المؤكد بمدارس الإصلاح الديني في المشرق، استطاع، أن يقدم إضافات مهمة إلى الفكر الإصلاحي وكانت إضافاته عملية أكثر منها نظرية، لأن الإسهام الذي قدمه ابن باديس لحركة الإصلاح الديني، كان نتيجة تحليله للظرف الخاص الذي كانت تمر به الجزائر فيما بين الحربين، أكثر مما كان نتيجة تفلسف نظري وبحث في التجريد.

إن استقراء كتابات ابن باديس، إذا كان جيعلنا نعثر على مواطن الشبه والتأثر بالمدارس الإصلاحية المشار إليها آنفاً، فإنه يؤكد لنا في الوقت نفسه النهج الخاص الذي انتهجه ابن باديس في دعوته الإصلاحية والبعد السياسي الواضح الذي أعطاه لحركته.

والكتاب الذي بين يدينا يسعى لإزالة الستار عن بعض جوانب من شخصية ابن باديس، كما بدت من خلال ما كتب، مقدماً نماذج من كتاباته وخاصة السياسية منها.

تسوق اونلاين وتخفيضات هائلة


 أشترى كتابك وادفع عند الاستلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق