الأحد، 15 سبتمبر 2013

العولمة مالها وما عليها .... محمد عبد القادر حاتم



العولمة مالها وما عليها .... محمد عبد القادر حاتم
فيما يقرب من‏700‏ صفحة‏,‏ وتحديدا في‏686‏ صفحة عالج الدكتور محمد عبد القادر حاتم مساعد رئيس الجمهورية السابق والمسئول عن رئاسة الوزراء إبان معركة أكتوبر‏1973‏ دستوريا موضوع العولمة مالها‏..‏ وماعليها‏..‏ في كتاب يحمل هذا العنوان‏..‏
وفي هذا المرجع‏,‏ بذل المؤلف جهدا طيبا في بحث مختلف جوانب هذه القضية الحيوية بدءا من التعريفات المختلفة‏,‏ وصولا إلي وضع مصر في ظل تحديات العولمة‏.‏ ويوضح د‏.‏ حاتم أنه إذا كانت العولمة تمثل نقطة تحول رئيسية في تاريخ العالم‏,‏ فإن هناك تحفظات علي المدي والعمق والأسباب والنتائج‏.‏ ثم يقول إن الجدل حول العولمة يغلب عليه إما التهوين أو التهويل والمبالغة لدرجة أن المعارضين ذهبوا في تطرفهم إلي حد اعتبار العولمة مجرد أسطورة أو وهم‏.‏
ويتوقف أمام بعض التعريفات ذات المسحة الأدبية والتي لاتخلو من الطرافة‏,‏ وإن كانت أيضا لاتخلو من الجدية ومنها‏:‏


*‏ العولمة هي الكلمة السحرية التي تفتح بها الشعوب أبواب الثروة والمعرفة‏.‏
‏*‏ العولمة هي موضة عالمية حاليا ستنتهي مع انتهاء الحاجة إليها‏,‏ أو مع بروز موضة جديدة‏.‏
‏*‏ فكرة لاجذور لها‏,‏ بل واختلقت لإلهاء الشعوب الكادحة‏.‏
‏*‏ وسيلة لإثراء الأثرياء وإفقار الفقراء‏.‏
‏*‏ حركة استعمارية جديدة‏.‏
‏*‏ الطريق لهيمنة أمريكا علي العالم‏.‏
وعندما يتحدث عن تاريخ العولمة يقول إنه لم يعرف بالضبط‏,‏ وعن واقعها يقول‏,‏ هناك صعوبة وتباين في فهمه وإدراكه‏,‏ أما عن المستقبل فيؤكد‏,‏ أن هناك غموضا بشأنه وبالنسبة لإدراك العولمة‏,‏ فيوضح أن تأثيرها علي الأفراد يختلف باختلاف الجماعات والأفراد‏,‏ إذ يظهر تأثيرها بصورة أكبر لدي سكان المدن عنه لدي سكان الريف‏,‏ ولدي أصحاب التخصصات العلمية الحديثة عنه لدي أصحاب التخصصات التقليدية‏,‏ ولدي الأجيال الجديدة عنه لدي الأجيال المتوسطة والمسنة‏.‏
ويستطرد قائلا‏,‏ مع عدم إنكار أنها لم تترك فردا إلا واقتربت منه‏,‏ وإن كان الاقتراب والتأثير يختلف من فئة وأخري‏,‏ ومن جماعة لأخري‏.‏
ومن التعريفات والمفاهيم‏,‏ ينتقل ليعالج تطور النظام العالمي ومقدمات العولمة والإتجاهات والآراء المختلفة من حولها والحركات المناهضة علي المستويين الرسمي والشعبي‏,‏ خاصة المظاهرات الصاخبة التي اجتاحت عشرات المدن‏,‏ وضمت آلاف المعارضين والرافضين‏.‏
وعندما يتطرق إلي تطور ظاهرة العولمة يناقش موقف السياسة العالمية منها‏,‏ ويجيب علي التساؤل المثار حول العالم‏,‏ هل هو عالم بلا حدود أم لا؟
ثم يرصد موقف القوي الكبري منها‏,‏ ولايفوت المؤلف أن يناقش الجانب الاقتصاددي للقضية بكل أبعاده وآثاره‏,‏ ويتطرق لموقع الشركات المتعددة الجنسيات ودورها وماجري من إندماجات بجانب توضيح آليات إدارة الشركات العالمية‏.‏ والرجل الذي اكتسب خبرة عميقة وكبيرة طوال فترة وجوده علي المسرح السياسي‏,‏ كان علي بينة من أهمية الدور الذي تلعبه الدولة‏,‏ خاصة في العالم الثالث‏,‏ وكان منطقيا أن تنعكس خبرته علي مناقشته لدور الدولة في ظل العولمة‏,‏ وفي ظل عالم متغير‏,‏ خاصة فيما يتعلق بالآثار التي تتركها العولمة علي الميادين والمجالات المختلفة‏.‏ وتحدث الرجل عن مشاكل الفقر والبيئة‏,‏ وحقوق الإنسان‏,‏ ومظاهر الفساد المرتبطة بالعولمة‏,‏ وتطور فكرة الصراع الحضاري‏,‏ والهيمنة الثقافية‏,‏ وسباق التفوق ومسارات التعليم ووسائل الاتصال والمعلومات‏.‏
وخصص الدكتور حاتم الباب السادس للحديث عن نحن وتحديات العولمة وتطرق إلي تعدد مواقف الآخرين تجاه الإسلام‏,‏ وعالمية كل من الإسلام والعولمة‏.‏
كما ناقش الأوضاع العربية‏,‏ والعرب والعولمة وإمكانات التعاون العربي المشترك‏.‏ بجانب حقيقة وموقف العرب من التواصل الفكري‏.‏
وكان من الضروري أن يصل إلي محطة مصر والعولمة‏.‏ والنقطة التي انطلق منها هي ثقافة مصر وحضارتها التي لم يعرف التاريخ لها مثيلا‏,‏ ويري أن من الواجب أن نضيف إليها مايتلاءم مع العصر ومبادئنا وطالب الجميع بألا يركنوا إلي ماتركه الأجداد‏,‏ بل نأخذ من الجديد والقديم وما يصلح لنا اليوم وغدا‏.‏
ويشير إلي أن دولا مثل اليابان وغيرها تعتبر من لايعرف أكثر من لغتين في مصاف الأميين‏.‏ ثم يستطرد قائلا وعلينا أن نأخذ من الوارد إلينا مايتفق مع ثقافتنا ونحصن أنفسنا مما لايتفق مع قيمنا‏,‏ ونعمل علي توضيح دور ثقافتنا الإنسانية‏,‏ لدي العالم الذي يعلم أن مصر كانت منذ أوائل التاريخ وستظل منبع الثقافة والحضارة‏.‏ ثم يقول إن التحولات العالمية الجارية حاليا لايمكن لمصر أن تعزل نفسها عنها‏,‏ ولا عن التعامل مع المؤسسات الدولية والالتزام بأحكامها الخاصة كمنظمة التجارة العالمية‏,‏ ومن ثم فإن الحكمة تقتضي وضع أسس وضوابط تحقق الرقابة والحذر من مخاطر العولمة والاستفادة من الفرص التي يمكن الحصول منها علي مكاسب اقتصادية في ظل العولمة‏,‏ وذلك مع العمل علي منع السلبيات التي يمكن أن تواجه الاقتصاد المصري‏.‏
ولاينسي أهمية البعد الاجتماعي للإصلاح الاقتصادي والعمل علي تخفيص معدل البطالة من خلال التوسع في فرص العمل للشباب في المشروعات القومية وفي المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة‏.‏
وعندما يتساءل في آخر الكتاب ما الذي نحتاج إليه؟ فإنه يجيب قائلا‏:‏ من السهل علي أية دولة أن تعلن عن تبني نموذج الاقتصاد الحر وعن نشأة السوق الحرة فيها‏,‏ إلا أن الأمر الصعب هو أن تستطيع هذه الدولة ان تضع الإطار القانوني والتنظيمي اللازمين لهذه السوق الحرة‏,‏ والأصعب من ذلك أن تطبق الأطر في شكلها الصحيح وبالطريقة الصحيحة‏.‏
كما أنه من السهل علي الدولة أن تفتح بورصة أوراق مالية‏,‏ إلا أنه من الصعب أن تنشئ هيئة لسوق المال أو بورصة مثل الموجودة في لندن أو نيويورك أو باريس أو فرانكفورت أو طوكيو‏.‏
ويستطرد قائلا‏,‏ من السهل إلغاء القيود المفروضة علي الصحافة‏,‏ ومن السهل إعلان حرية تدفق المعلومات‏,‏ إلا أنه من الصعب أن يواكب ذلك بالضرورة وجود صحافة حرة مستقلة حقيقية‏.‏
 يصلك أينما كنت



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق