الحروب الصليبية كما رآها العرب ... لــ أمين معلوف
ينطلق هذا الكتاب من فكرة بسيطة: سرد قصة الحروب الصليبية كما نظر إليها وعاشها ورويت تفاصيلها في "المعسكر الآخر"، أي في الجانب العربي، ويعتمد محتواه بشكل حصري تقريباً على شهادات المؤرخين والإخبارين العرب في تلك الحقبة. ولا يتحدث هؤلاء عن حروب صليبية بل عن حروب أو غزوات إفرنجية. وقد كتبت الكلمة التي تدل على الإفرنج بأشكال مختلفة باختلاف المناطق والمؤلفين والأزمنة: فرنج، فرنجة، إفرنج، إفرنجة... وقد اختير الشكل الذي لا يزال مستخدماً حتى اليوم في المحكية الشعبية لتسمية "الغربيين" وبصورة أخص "الفرنسيين" "فرنج". وهدف المؤلف من وراء هذا الكتاب، ليس تقديم كتاب تاريخ ولكن تقديم كتاب يوضح وجهة نظر أهملت حتى الآن، "رواية حقيقية" عن الحروب الصليبية وعن هذين القرنين المضطربين اللذين صنعا الغرب والعالم العربي ولا يزالان يحددان حتى اليوم علاقتهما.
المقدمة :
ينطلق هذا الكتاب من فكرة بسيطة : سرد قصة الحروب الصليبة كما نظر إليها وعاشها وروي تفاصلها في " المعسر الآخر " أي من الجانب العربي . ويعتمد محتواه بشكل حصري تقريباً على شهادات المؤرخين والاخباريين العرب فى تلك الحقبة .
ولا يتحدث هؤلاء عن حروب صليبية بل عن حروب أو غزوات إفرنجية . وقد كتبت الكلمة التى تدل على الإفرنج بأشكال مختلفة باختلاف المناطق والمؤلفين والازمنة : فرنج , فرنجة , أفرنج , افرنجة ....
وأخترتا طلباً للتوحيد أكثر الأشكال اختصاراً , أى الشكل الذي لا يزال مستخدماً حتي اليوم فى المحكية الشعبية لتسمية " الغربيين " وبصورة أخص " الفرنسيين " : " فرنج " .
وحرصاً على عدم غثال العرض بالحواشي الكثيرة التى تفرض نفسها – الإحالات على الكتب والمراجع التاريخية وغيرها –فقد آثرنا الاحتفاظ بها إلى آخر الكتاب حيث صنفت تبعاً للفصول . ولسوف يقراها الراغبون في مزيد من المعرفة فتعود عليهم بالفائدة , ولكنها ليست ضرورية أبداً لفهم العرض الذى يطمح إلى أن يكون فى متناول الجميع . والحق ان ما أردنا أن نقدمه ليس كتاب تاريخ آخر بقدر ما هو , انطلاقاً من وجهة نظر أهملت حتي الآن " رواية حقيقية " عن الحروب الصليبية وعن هذين القرنين المضطربين اللذين صنعا الغرب والعالم العربي ولا يزالان يحددان حتي اليوم علاقاتهما .
مقتطف من الكتاب
دخل القاضي أبو سعد الهروي ديوان الخليفة المستظهر بالله الفسيح صائحاً حاسراً حليق الراس علامة على الحداد , وفي أثره حشد من الرفاق شباناً وشيباً يصدقون بصخب على كل كلمة من كلماته ويبدون مثله للعيان منظراً يشوبه التحدي : لحية كثة تحت رأس حاسر أملس .
ويحاول بعض وجهاء البلاد تهدئته ولكنه يزيحهم بحركة تنم عن اذدراء ويتقدم بعزم وتصميم إلى وسط القاعة فياخذ فى تبكيت الحاضرين من غير اكتراث مناصبهم بكلام لاذع كالذى يستخدمه الواعظ على المنبر :
- أنجرؤون على التهويم في ظل أمن رغد وعيش ناعم شان زهرة في حميلة وغخوانكم فى الشام لا مأوي لهم سوي ظهور الجمال وبطون النسور والعقبان ؟ كم من دماء سفكت ! وكم من نساء اخفين وجوههن بأيديهن حياءً وخجلاً ! أيرضي العرب البوسل بالمهانة ويقبل الأعاجم الشجعان بالذل ؟ !
ويقول الاخباريون العرب : " وكان خطاباً أبكي العيون وحرك القلوب " وانتاب الحضور جميعا نشيج ونحيب , ولكن الهروي لا يريد شيئاً من دموعهم فيقول لهم :
- إن أسوأ ما يلجأ إليه المرء من سلاح أن يكسب الدمع بينما تذكي السيوف نار الحرب .
- وإذا كان قد سافر من دمش إلى بغداد طوال ثلاثة أسابيغ من أيام الصيف تحت أشعة الشمس المحرقة فما كان ذلك لاستدرار الشفقة , وإنما لإخطار أرفع السلطات الإسلامية بالمصيبة التى حاقت بالمؤمنين والطلب إليها أن تتدخل بلا إبطاء لوقف المجزرة . وردد الهروي قائلاً : " لم يسبق قط ان أذا المسلمون هذا الإذلال ولا أن نهبت بلادهم بمثل هذه الوحشية " . لقد كان كل من معه من رجال قد فروا من المدن التي نهبها الغازي , وكان بعضهم من القلة القليلة الناجية من اهل بيت المقدس , وقد اصطحبهم ليتيح لهم ان ينقلوا بانفسهم وقائع المأساة التي عاشوا فصولها قبل شهر .
بيانات الكتاب :
الأسم : الحروب الصليبة كما رآها العرب
تاليف : أمين معلوف
ترجمة : عفيف دمشقية
الناشر : الفارابي
سنة النشر : الطبعة الثانية 1998
الحجم : 11 ميجا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق